The Tree of Hope and Knowledge

شــــجرة الأمــل والمعرفـــة

×

ذات مرة كان هناك ملك جبار يحكم مملكة فقيرة صغيرة وكان يجبر شعبه على إطاعة أوامره وقراراته الملكية الصارمة طاعة عمياء.

وكان يأخذ معظم ما كان شبعه يكتسبه بالقوة تاركا إياهم فقراء وبدون مال يكفيهم أو ممتلكات ذات قيمة،

بينما اضطرت رعيته للعمل في أرضها لزراعة وجني المحاصيل كل سنة، وبعد ذلك كان الملك يأخذ معظم محاصيلهم.

قلة فقط من المحظوظين من الشعب استطاعوا أن يعملوا في التجارة أو الصناعة لأن رجال تحصيل الضرائب للملك نادرا ما تركوا لأي شخص كان أي مال أو ممتلكات ثمينة ليستخدمها في التجارة أو للبدء في مشاريع جديدة ذات فائدة.

لقد عاش شعب تلك المملكة مثل العبيد الذين يملكهم ذلك الملك لسنوات عديدة.

وكان هناك رجل حكيم محترم وذو علم يعيش في تلك المملكة قد اعتاد أن يعلم الناس أشياء كثيرة عن الحياة والعلم والأدب والتاريخ والحكمة والدين بدون أن يتقاضى أجرا على ذلك منهم.

وقد أحبه الناس واحترموه بسبب أعماله الطيبة ومعرفته المفيدة الواسعة.

وكان هناك المئات من التلاميذ قد اعتادوا أن يأتوا لحضور دروسه كل يوم تقريبا،

والعديد منهم يرسل أطفاله إليه ليتعلموا مبادئ العلوم المختلفة منه.

كان الحكيم رجلا متواضعا لطيفا يحترم جميع الناس حتى الأطفال والمراهقين الذين يأتون لحضور دروسه بشكل مستمر.

وهم أحبوه إلى درجة أنهم تحملوا المشي لمسافات طويلة خلال أيام الشتاء الباردة وأيام الصيف الحار ليأتوا إلى دروسه.

وأعجبوا بالمعرفة التي كانت لديه لأنه كان يعلمهم كيف يعتنوا بصحتهم ويزرعوا أشجارهم ومحاصيلهم بشكل جيد ويعالجوا أمراضهم وينظموا أعمالهم لينهوا كل شيء في وقته المحدد.

وكان الرجال الأكثر تعليما يحسون بالمتعة عندما يصغون إليه وهو يخبرهم عن تاريخ مملكتهم والأبطال القدماء الشجعان الذين عاشوا قبل سنوات عديدة وخاضوا معارك كثيرة ليحموا بلادهم.

ذات يوم سمعت الملك عن ذلك الرجل الحكيم وعرف أن هناك العديد من الناس اعتادوا الذهاب إليه ليتعلموا منه بدون أن يدفعوا أجرا مقابل ذلك.

أراد الملك الجشع الأناني الطاغية أن يستخدم الرجل الحكيم ليكسب المزيد من المال،

فقام باستدعائه وقال له: "أنت تعلم الناس مجانا...هذا غير مسموح في مملكتي.

كل شيء في مملكتي قد فرضت عليه ضرائب.

فمنذ الآن، يجب على يدفع طلابك ضرائب لحضور دروسك."

فقال الحكيم: "ولكن، يا مولاي، الناس فقراء ولا يمكنهم دفع أي مال مقابل أي شيء سوى الطعام،

معظم طلابي لن يحضروا دروسي إذا أجبرتهم أنت على دفع الضرائب."

فرد الملك بلا مبالاة: "لا يهمني إذا حضروا أم لا.

حتى إذا حضر طالب واحد كل شهر ودفع بعض القروش للضرائب، فستكون لي وأنا أريدها".

وأطاع الحكيم الملك على مضض وأبلغ الناس أنه مضطر لأخذ ضرائب من طلابه لتكون للملك.

أزعج هذا القرار معظم الطلاب وأحزنهم لأنهم أدركوا أنهم لن يتمكنوا أبدا من حضور الدروس مرة أخرى لأنهم لا يستطيعون دفع الضرائب المطلوبة.

بعد عدة أسابيع، استطاع فقط بعض الطلاب الأغنياء المجيء لحضور دروس الحكيم وشعر الفقراء أنهم قد خسروا بهجة وفوائد معرفة الحكيم وبدؤوا يخبرون الحكيم أنهم يفتقدون دروسه وتعليماته.

كره الحكيم الملك بشدة وأراد أن ينتفع الفقراء من معرفته رغم قرار الملك.

ومع ذلك جاء العديد من الناس إليه ليسألوه عن طرق معالجة أطفالهم المرضى وكيفية زراعة أشجارهم وأراضيهم.

فأعطاهم العلاج والإرشادات مجانا لأنه لم يعتبر ذلك مثل التعليم الرسمي.

بعد عدة أسابيع، علم الملك من جواسيسه بما كان يحدث فاستدعى الحكيم إلى قصره فورا.

وقال له: "أنت لا تزال تعطي العديد من الناس إرشادات وتعلمهم الكثير من الأشياء بدون دفع ضرائب.

فرد الحكيم قائلا:" ولكن ذلك لم يكن تعليما كما كان سابقا.

لقد سألوني فقط عن كيفية علاج أطفالهم المرضى وكيفية العناية بمزروعاتهم ومحاصيلهم."

فقال الملك بعصبية وبنبرة محذرة: "يجب أن يدفعوا مقابل كل شيء تخبرهم به، حتى لو كان ذلك مجرد نصيحة أو إرشاد صغير يتعلق بما يجب أن يفعلوه لأي شيء.

عليك أن لا تخبرهم بأي شيء مجانا منذ الآن، أنا آمرك وأحذرك من القيام بذلك.

هذه فرصتك الأخيرة لتطيعني وتجعلهم يدفعون الضرائب."

واضطر الحكيم للانحناء وللقول على مضض: "سأنفذ ما ترغب به يا مولاي".

واضطر لإبلاغ الناس علنا بأمر الملك الجديد وتحذيره،

فشعروا بالمزيد من خيبة الأمل والأسف بسبب ذلك القرار.

وجاء بعضهم وطرق باب الحكيم لطلب العلاج لأنفسهم ولأطفالهم، ولكن عندما أبلغهم أن عليهم أن يدفعوا الضريبة عادوا بدون علاج لأنهم لم يكونوا يملكون أي شيء ليدفعوها.

وعانى قلب الحكيم من العذاب لأنه لم يستطع أن يساعدهم على أإنهاء آلامهم ومعاناتهم.

ولكن على كل حال، عندما بدأ الناس يأتون إلى منزله في الشتاء مع أطفالهم الذين يعانون من البرد والحمى وأمراض أخرى لم يستطع أن يدعهم يذهبوا بدون علاج.

وبدأ بإعطائهم الأدوية والإرشادات بشكل سري ليلا مجانا ليساعدهم ويخفف من آلام قلبه.

وبعد عندة أسابيع، علم الملك من جواسيسه أن الحكيم كان يعالج المرضى الفقراء بدون أن يدفعوا ضرائب.

فاستدعاه على وجه السرعة وقال له: "أنت لا تزال تعالج الفقراء بدون أن يدفعوا الضرائب،

لقد حذرتك من قبل.

والآن، عليك أن تدفع الضرائب وغرامة كبيرة بسبب عصيانك لي.

إذا لم تدفع هذا فعقوبتك هي الموت. لا يمكن لأحد أن يتهرب أو يرفض دفع الضرائب في مملكتي.

هل لديك مال كاف لتدفع لي تعويضا عن خسائري أم لا؟"

فقال الحكيم: "كلا يا مولاي. لست أملك شيئا لأدفعه لك.

أنا مجرد رجل فقير أراد مساعدة المرضى الفقراء،

ولم آخذ أي نقود مقابل ذلك لنفسي.

فقال الملك: "العقوبة على هذا هي الموت.

لن أضعك في السجن وأدفع ثمن طعامك هناك."

وأمر الملك جلاده بشنق الحكيم بسبب جريمته.

بدا الحكيم حزينا وصامتا بينما كان الجنود يأخذونه ليعدموه.

كان قلبه مليئا بالأسى لأنه كان يفكر بكيفية مساعدة الناس الذين أحبهم وأحبوه بعد موته.

عندما أخذ الجلاد الحكيم لشنقه، سأله: "ما هي آخر رغبة لديك قبل أن تموت؟"

فرد الحكيم قائلا: "أريد أن أزرع شجرة صغيرة بالقرب من منزلي."

دهش الجلاد عندما سمع تلك الرغبة البسيطة الغريبة، ولكنه ترك الحكيم يزرع شجرة تفاح صغيرة بالقرب من منزله بجوار الطريق الذي كان بجواره ساحة صغيرة معشبة.

وراقب الناس الحكيم وهو يزرع الشجرة الصغيرة بسعادة ويرويها بهدوء قبل أن يشنق بجوارها.

كانت آخر كلماته التي قالها لأطفاله وجيرانه وأصدقائه وطلابه هي: "اعتنوا بشجرة التفاح تلك، إنها ستساعدكم لتحصلوا على مستقبل أفضل من خلال الأمل والمعرفة."

لم يصدق الجلاد ما قاله الحكيم وأخبر الملك بذلك.

ضحك الملك وقال: "ذلك الرجل أحمق.

لقد أراد فقط أن يسخر من الناس وأن يعطيهم آمالا كاذبة.

كيف يمكن لشجرة أن تعطيهم مستقبلا أفضل؟"

بعد وفاة الحكيم، بدأ الناس يأتون إلى شجرة التفاح الصغيرة تلك ليسقوها بالماء ويتذكروا كلماته الأخيرة بدون أن يفهموا كيف يمكن لشجرة تفاح صغيرة أن تساعدهم في الحصول على مستقبل أفضل.

لم يفهم أحد ما كان الحكيم يعنيه بكلماته الأخيرة تلك، ولكنهم أطاعوه لأنهم أحبوه وأرادوا أن يحققوا أمنيته الأخيرة.

بعد سنوات عديدة، نمت شجرة التفاح وأصبحت شجرة كبيرة رائعة، وبدأ الناس يجلسون تحتها كل يوم ويتحدثون لساعات عديدة.

أرادوا أن يعرفوا كيف يمكن لشجر تفاح أن تساعدهم في المستقبل.

لقد كان ذلك لغزا ولم يتمكنوا أبدا أن يتوقعوا ماذا كان يمكن لتلك الشجرة أن تفعل لهم.

وعلى أية حال فقد جعلتهم اجتماعاتهم تحت الشجرة كل يوم يتحدثوا ويتذكروا ما علمهم الحكيم طوال سنوات عديدة.

بدؤوا يعتبرونه رجلا فاضلا جدا وحتى أن بعضهم اعتبره رجلا مقدسا أرسله الله إليهم لمساعدتهم.

لقد كرهوا جميعا الملك لأنه شنقه وحرمهم بذلك من أفضل رجل كان باستطاعته أن يساعدهم لتحسين حياتهم البائسة وتحملها. ولذلك فقد كان حديثهم اليومي المفضل يدور حول تعليمات الحكيم المتوفى

وظلم ملكهم. وقرر بعضهم أن يكتب تعليمات ذلك الحكيم في كتاب حتى يحفظ تلك المعرفة للأجيال القادمة بينما كانوا يجلسون تحت تلك الشجرة.

وبعد ذلك بدؤوا بنسخ تلك الكتب وإرسالها إلى القرى والمدن الأخرى لينشروا تلك المعرفة في كل مكان.

انزعج الملك عندما علم بما كان الناس يفعلونه.

فكره الشجرة ولم يرد أن يجلس الفقراء تحتها بعد ذلك.

ولذلك فقد أمر حراسه بقطع الشجرة لإنهاء اجتماعات الناس اليومية تحتها.

فجاء الجنود وقطعوا الشجرة بينما كان الناس يراقبونهم بحزن وبدون حول ولا قوة.

شعر كل الذين راقبوا الشجرة وهي تسقط أن الأمل في المستقبل الأفضل الذي وعدهم به الحكيم كان يتداعى.

وتجمعوا حول الشجرة التي سقطت وبدؤوا يبكون لعدة ساعات.

نظروا إلى بعضهم بلا حول ولا قوة وبدؤوا يسألون بعضهم أسئلة مثل: "كيف يمكن للشجرة أن تساعدنا في الحصول على مستقبل أفضل؟"

"هل سيكون المستقبل أفضل أم لا إذا قطعت الشجرة؟"

"ما الذي يجب علينا فعله الآن؟"

فجأة قال أحد طلاب الحكيم: "يمكننا أن نأخذ بعض أغصان الشجرة ونزرعها في أمكنة أخرى،

يمكن أن تنمو الأشجار مرة ثانية إذا زرعنا أغصانها في مكان آخر وسقيناها،

هذا ما علمنا إياه الحكيم ذات يوم،

لن يموت أملنا مع هذه الشجرة."

قام العديد من الناس بقطع أغصان من الشجرة وزرعوها في أماكن كثيرة في المملكة،

وشعروا بالسعادة الغامرة عندما كانوا يسقونها ويراقبون أشجار التفاح الصغيرة تنمو ببطء بينما كانت تعطيهم المزيد من الأمل للحصول على مستقبل أفضل.

نمت أشجار التفاح الصغيرة بعد عدة سنوات وبدأ الناس يتجمعون تحت العديد منها.

وقد اعتادوا على النظر إلى الأشجار الجديدة بسعادة وثقة أكثر لأنهم كانوا يمتلكون المزيد من الآمال للحصول على مستقبل أفضل.

بدؤوا يقولون أن الملك قد فشل في قتل أملهم وصار لديهم الآن العديد من أشجار التفاح مرة أخرى.

ثم بدأ بعض طلاب الحكيم يقولون للناس أنه ربما كان ذلك هو ما كان الحكيم يريده منهم لأنه من الواضح أن شجرة واحدة لا يمكنها أن تفعل أي شيء وحدها، فالأشجار الكثيرة أفضل من شجرة واحدة.

وتساءل بعض الطلاب: "كيف اعتقد الحكيم أن شجرة تفاح يمكنها أن تعطي الناس مستقبلا أفضل؟

لماذا أراد منا أن نقتنع بالشجرة وليس بأشياء أخرى مثل الدين أو القوة؟"

لم يستطع أي واحد منهم الإجابة على هذه الأسئلة، ولكن لم يجرؤ أحد على إضعاف ثقة الناس أبدا بأشجار التفاح الجديدة.

عندما عرف الملك بما كان الناس يفعلونه ويقولونه عن الآمال الجديدة غضب أشد الغضب وأمر جنوده بحرق كل أشجار التفاح الجديدة التي كان يعقدون اجتماعاتهم تحتها.

أطاع الجنود أمره وأحرقوا كل أشجار التفاح الجديدة، ولم يسمحوا لأي شخص أن يأخذ شيئا من أغصانها قبل إحراقها ليزرعها مرة أخرى في أي مكان آخر.

وراقب الناس أشجار التفاح وهي تحترق وهم يبكون لأنهم اعتقدوا أنهم قد فقدوا كل آمالهم في الحصول على مستقبل أفضل كما أخبرهم الحكيم.

وأصبحوا أكثر بؤسا ولم يعرفوا ماذا يجب عليهم فعله بعد ذلك.

لكن فجأة قال أحد طلاب الحكيم لأصدقائه: "يمكننا أن نجتمع تحت أي شجرة تفاح مثل العادة،

كل أشجار التفاح متشابهة ولا فرق بينها،

فمن الأفضل أن نجتمع ونتحدث كل يوم حتى نجد حلا.

ووافق أصدقاؤه على ذلك وأخبروا بقية الناس عن تلك الفكرة، ثم بدؤوا مرة أخرى يجتمعون تحت العديد من أشجار التفاح الأخرى.

وسرعان ما نسوا أشجار التفاح القديمة ولم يجدوا أي فرق في الجلوس تحت أي شجرة كانت.

فاكتشفوا أن ما يقولونه ويتعلمونه كل يوم أكثر أهمية من الأشجار نفسها.

وغضب الملك أشد الغضب وانزعج بشدة عندما عرف بأمر الاجتماعات الجديدة تحت الأشجار، وأمر جنوده فورا بحرق كل الأشجار التي في المملكة ليمنع الناس من الاجتماع تحتها.

وأطاع الجنود أمره وأحرقوا كل الأشجار التي في المملكة،

فأصيب الناس بالحزن واليأس مرة أخرى،

ولم يستطع أحد أن يصدق ما فعله الملك.

لكن على كل حال، بعد عدة أسابيع، بدأ الناس يفتقدون كل أنواع الفاكهة،

حيث كان العديد منهم قد فقدوا الكثير من أشجار الفاكهة في أراضيهم وأصبحوا أشد فقرا مما كانوا عليه من قبل.

لقد أدى أمر الملك غير المتعقل إلى جعل المملكة بكاملها تخسر الدخل المالي الرئيسي لها بعد أن أحرقت الأشجار.

خسر الملك نفسه الكثير من المال لأن الناس أصبحوا يمتلكون دخلا أقل من أراضيهم ولم يدفعوا الضرائب كما كانوا يفعلون سابقا.

ولذلك فقد ندم وأدرك أنه قد اتخذ قرارا كارثيا عندما أعماه الغضب والإحباط، ولكن الأوان كان قد فات ليرجع عن ذلك.

وقال لنفسه: "لماذا قال ذلك الحكيم للناس أن شجرة التفاح ستعطيهم مستقبلا أفضل؟

هذا ليس مستقبلا أفضل لأي شخص كان في هذه المملكة.

لقد خدعهم ودمر هذه المملكة بتلك النبوءة الغبية."

وازداد غضب الناس ويأسهم بالتدريج بازدياد فقرهم وشعروا أنهم لم يعودوا يمتلكون أي أمل في الحياة وخلال بضعة أشهر أصبح الكثير من الناس جياعا ومشردين ومرضى.

وشعر بعض طلاب الحكيم أن عليهم أن يتكلموا عما حدث ولذلك فقد بدؤوا يذهبون إلى مكان شجرة التفاح التي غرسها الحكيم قبل أن يموت ليجتمعوا ويتكلموا كل يوم.

ورغم أن الناس كانوا يعانون من فقر مدقع فقد بدؤوا يحضرون الاجتماعات مرة أخرى في نفس المكان حيث اعتادوا أن يجتمعوا ويتكلموا عن معاناتهم وأطفالهم الجياع.

وبالإضافة إلى ذلك فقد بدؤوا يقولون سرا أن أموالهم كانت مع الملك لأنهم كانوا يدفعون ضرائب عالية لسنوات عديدة.

ذات يوم، قال لهم أحد طلاب الحكيم الأذكياء: "لقد سبب الملك كل مشاكلنا لأنه فرض ضرائب عالية على كل شيء كنا نكسبه أو نفعله.

إنه سبب بؤسنا وفقرنا."

ووافقه على ذلك المستمعون حالا وقرروا جميعا أن عليهم أن يجدوا طريقة لاسترجاع أموالهم من الملك.

وعلى أية حال، وبعد مناقشة طويلة لكافة الحلول الممكنة، اقتنعوا أنه لم يكن هناك طريقة مشروعة متاحة لهم لاسترجاع أموالهم من الملك وفي النهاية قال أحد طلاب الحكيم:

"يجب أن ننهب ممتلكات الملك لأنه أخذ كل أموالنا وممتلكاتنا بشكل غير مشروع، وإلا فإن أطفالنا الجياع سيموتون قريبا." ووافق العديد من الناس على ذلك وبدؤوا يخططون للقيام بذلك.

وانتشر هذا القرار بشكل سري عبر المملكة وبعد ذلك بدأ بعض الشبان يشكلون مجموعات سرية لنهب ممتلكات الملك أثناء الليل.

لقد أقر الكثير من الناس ذلك العمل لأنه لم يكن هناك أي طريقة أخرى بالنسبة للكثيرين منهم للنجاة.

لم يستطع الملك إيقاف المجموعات السرية من نهب ممتلكاته وصار يفقد المزيد من ممتلكات كل يوم.

وازداد عدد المجموعات السرية واستطاعت أن تنهب المزيد من ممتلكات الملك وبدأت أيضا بحمل الأسلحة لقتال جنود الملك عندما يحاولون منعهم خلال عمليات نهبهم.

وبعد عدة أشهر، أصبح لدى معظم الرجال في المملكة أسلحة وبدؤوا ينهبون ممتلكات الملك ويقتلون جنوده.

علم الملك من جواسيسه أن الذين كانوا يجتمعون تحت أشجار التفاح كانوا هم قادة المجموعات السرية.

ولذلك فقد قرر أن يعتقل ويعدم جميع الذين كانوا في الساحة بالقرب من منزل الحكيم وأرسل كتيبة من الجنود إليهم،

فقاومهم الناس لأنهم كانوا يمتلكون أسلحة فقتل وجرح العديد منهم.

وفي نهاية المعركة، لم تستطع الكتيبة أن تقتل أو تعتقل كل الناس وهزم الجنود ولاذوا بالفرار.

وقال أحد طلاب الحكيم للناس: "دعونا نذهب لنهاجم قصر الملك وإلا فإنه سيرسل كل الجيش ليقتلنا."

وأطاعه الكثير من الناس فحملوا أسلحتهم وأسرعوا بالذهاب إلى قصر الملك.

حوصر الملك في قصره من قبل آلاف الناس الجياع المسلحين مما جعله يشعر بالخوف والقلق.

عندما علم قائد الجيش بما حدث توجه مع جيشه ليقاتل من أجل الملك.

ولكن عندما وصل إلى القصر، توقف وناقش الوضع مع ضباطه.

قال لهم: "إن الذين يحاصرون القصر كثيرون جدا ومعهم أسلحة، كما أن الكثير منهم أقاربنا وأصدقاؤنا.

إذا قاتلناهم فقد نربح أو نخسر. إذا ربحنا فإن الكثيرين منهم سيقتلون وسنخسر نحن الكثير من جنودنا.

الملك لن يعطينا مكافآت جيدة مقابل تضحياتنا لأنه بخيل، وحتى أنه لن يعطي عائلات شهدائنا تعويضات كافية لتعيلهم ولتحميهم من الجوع لمدة طويلة.

إذا خسرنا المعركة فسنخسر كل شيء على كل حال، والملك سيخسر أيضا كل شيء وستصبح عائلاتنا جائعة وبائسة إلى الأبد."

وافق الضباط معه على أن الوضع كان خطيرا كما وصفه ولم يرغب أحد منهم بمحاربة الناس.

ولذلك فقد قال قائد الجيش: "من الأفضل لنا أن ننضم إلى الناس ضد الملك.

فهذا سيحفظ حياة آلاف الناس وسيهزم الملك سريعا وسنكسب احترام وإعجاب الناس إلى الأبد."

ووافق الضباط معه على ذلك القرار وانضموا إلى الناس ضد الملك.

واستمر حصار القصر عدة أسابيع لأنه كان محاطا بجدران عالية. وعلى أيه حال، عندما نفذ الطعام، عانى الملك وجميع جنوده داخل القصر من الجوع لأيام عديدة.

فأدرك كم هو الجوع مؤلم وقال لحارسه: "أنا أفهم الآن لماذا كل هؤلاء الناس غاضبون ويكرهوني. حدث هذا لأنني جعلتهم جائعين لسنوات طويلة."

وأخيرا، قام أحد الحراس الجائعين بفتح بوابة القصر سرا خلال الليل للناس ومكنهم من الدخول إلى القصر لأنهم وعدوه بإعطائه بعض الطعام والإبقاء على حياته.

وهكذا قاموا بقتل الملك بدون رحمة ووجدوا أكواما من الذهب مخبأة في خزانته، فقاموا بتوزيع الذهب بينهم وشعروا بالرضا عما فعلوه.

وانتهى عهد الظلم والفقر وكانوا جميعا متفائلين وتنبؤوا بمستقبل أفضل بعد التخلص من الملك.

بعد عدة أيام، تجمع الناس مرة أخرى في نفس الساحة القديمة التي اعتادوا الاجتماع فيها بالقرب من بيت الحكيم.

وقال لهم أحد طلاب الحكيم: "لقد تحقق ما تنبأ به معلمنا الراحل.

لقد ساعدتنا شجرة التفاح الصغيرة التي غرسها قبل أن يموت على قتل الملك والحصول على مستقبل أفضل.

يمكننا أن نختار حاكما أفضل لأنفسنا الآن، ونحن واثقون أنه لن يكون سيئا مثل ملكنا السابق.

لقد أراد الحكيم منا أن نجتمع تحت الشجرة لكي نتحدث ونتعلم المزيد باستمرار كل يوم، وقد تمكنا باتحادنا ومعرفتنا أن نصنع مستقبلا أفضل لأنفسنا.

كانت تلك الشجرة التي أعطانا إياها شجرة الأمل والمعرفة، وسنحافظ على ذلك الأمل والمعرفة في مملكتنا إلى الأبد."